أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون ... قضية القذف واللعن والجرأة على الله
خاطرة شرعية هامة
أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون ... قضية القذف واللعن والجرأة على الله
مؤمن كويفاتية*
سبق أن نبهت العديد من الأصدقاء والأحباب ممن تجري على ألسنتهم قضايا القذف واللعن ، فيتوقفون ويعود البعض ، ومن أجل ذلك كانت تلك الخاطرة
كثيراً مانسمع بعض هذه الكلمات " ابن الحرام أو لعنه الله " ومتشابهاتها من ملتزمين وغير ملتزمين بدافع الحماس والانفعال الغير مشروع والمرفوض قطعاً ،وفي الغالب لضعف المعرفة الشرعية فيقع الشخص في المحظور المُحاسب عليها شرعاً ودينا وأخلاقاً وبأغلظ العقوبات ، مع أننا نرى العوام ينأون عن أنفسهم بالحديث عن الأعراض ومثل هكذا أمور مع قلّة ثقافتهم ، لأن هذا مبعثه بحكم تربيتهم الاجتماعية والإسلامية الغير مباشرة التي تُشنّع هكذا أحاديث منكرة مستوحاة من روح الإسلام الأصيل وينابيعه الصافية في الطهر والنقاء ، على عكس الغرب الذي فرط فيه العقد الاجتماعي ، ليصير هذا القذف عادة عندهم وأقلها عند الخلاف أو حتى المزاح بالشتم للآخر بابن الزانية أو العاهرة وهم لايتأففون لأنهم في الأغلب مجتمعات إباحية ، بينما ديننا العظيم سور مجتمعاتنا بالفضائل ، وجعل العرض من الضروريات الخمسة مع الدين والنفس والعقل والمال التي يجب الحفاظ عليها والدفاع عنها ، وجاء ذلك مُحكما في سورة النور التي يشع النور من كل أعطافها وحروفها ، وقد ابتدأها الله بكلمة "سورة " من السور ، ثُم أتبعها ب " أنزلناها وفرضناها " الانزال بالأمر من عند الله سبحانه ، والفرض العمل بها على سبيل الالزام الواجب وليس على المزاج والأهواء ، وكما جاء في أيات القذف التي قُصد فيها تحصين المجتمع من الاختراق وإشاعة الفاحشة بالاتهامات عبر الألسن الفارغة ، فقال تعالى " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " وكلمة المحصنات تعم النساء والرجال ، ولكن خُصّت بها المرأة لأن قذفها أشنع ، وتقديرها والذين يرمون الأنفس المُحصنات ، بينما رأى بعض العلماء حتّى أن قذف الكتابية والمجنونة والصغيرة ومثلهم الرجال بوجوب الحد عليهم ، والأشنع من الحد هو إهدار كرامتهم الإنسانية بأن لاتُقبل لهم شهادة أبداً إن لم يأتوا بالشهود الأربعة على واقعة الزنا باتهامهم ، وسمّاهم الله بالفاسقين ، وعند البعض أن هذه التسمية على التأبيد في الدنيا بين الناس ، أما مع الله فهو شأنه بقبول توبتهم البينية مالم يتحقق ذلك للعباد ، والقذف سواء كان بالألفاظ الصريحة بالاتهام بالزنا أو الكنايات ، كأن يقول يافاجر" ة " يابن "ة " الحرام ، يا ابن العاهرة ...وألفاظ بالعامية نحوها ، كل هذا يدخل في إطار عقوبة القاذف الذي لايُلقي بالاً لكلمته فقد تهوي به في واد جهنم، وتجاوزاً لحدود الله وجرأة عليه سبحانه ، فإن كان المقذوف زنديقاً أو شريراً فما دخل عرضه أو والديه ،وبالتالي ما أود قوله :
على حرمانية القذف للعفيفين حتى وإن كان المقذوف عدواً أو كافراً ولايشمل القذف إلا في قضايا الزنا ومشتقاته ، حتى وإن كان على غير دين الاسلام أو كان عدواً غير إباحي ، بل هناك من البدائل الكثيرة بتوصيفه بما هو فيه ، كطاغية وسفّاح وسارق ومجرم ونحوهم ، لأن بالقذف تصبح أعراض الأمّة مجروحة ، وسمعتها ملوثة ، وكل فرد يصبح فيها متهماً أو مهدد بالاتهام ، وهذا ما اقتضته الحكمة الالهية في الحفاظ على نقاوة المجتمع فيما يتعلق بالأنساب ، وعدم جواز التشكيك بها ، وكذلك مثله موضوع اللعن الذي بمعناه الطلب من الله لطرد الشخص من رحمته الواسعة التي وسعت كل شيء ، فإنه لايجوز إلا على من مات على الكفر الصريح والردة المبينة ، بما يوجب دخوله النار كالقتل بغير حق ونحوه والتأله واستهداف الدين ، وأما الأحياء من المستبدين والطغاة وأئمة الكفر والضلال فهناك خلاف ، بأن أئمتهم ممن لايُرجى لهم الرشاد ، وأعمالهم لاترجح التوبة ، وخاصة زعماء الردة الباطنيين ومن يتأولون على الله بجرأة ، فجوزوا اللعن على سبيل التنفير منهم ومن جرائمهم وشناعتهم ، ولإبعاد الناس عنهم وكشف زيفهم ، وتلك حدود الله فلا تعتدوها ، فإن كنت ممن يرجون الله فتوقف عن القذف واللعن بحدوده ، وإلا فما أنت إلا مستحل للدين كما يستحله أعداء الله وبالله التوفيق
مؤمن محمد نديم كويفاتيه mnq62@hotmail.com ، كاتب وباحث - سياسي وإعلامي سوري
|