الهجوم علي المقدسات والإساءة للذات الإلهية أصبح موضة من يدعون أنهم مفكرون. وفي كل مرة يتلاعب هؤلاء بشعارات الحرية والإبداع.
كان آخر هذه الإسفافات ما نشرته مجلة "إبداع" التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة من خلال قصيدة لأحد الشعراء بعنوان "شرفة ليلي مراد" استهان فيها بالذات الإلهية ووصف المولي بألفاظ سيئة وإسفاف متطاول علي رب العزة والجلالة.
وعلي إثر نشر القصيدة أقيمت دعاوي قضائية تطالب بإلغاء ترخيص المجلة وبالفعل صدر حكم القضاء الإداري بإلغاء الترخيص مؤكداً في حيثياته "إذا كانت الصحافة حرة في أداء رسالتها إلا أنها حرية مسئولة ولا يمكن للصحافة في ذلك أن تمس المقومات الأساسية للمجتمع وهي الأسرة والدين والأخلاق والوطنية.. وأضافت المحكمة أنه من غير المتصور عقلاً أن يكون هذا العمل قد نشر عبثاً دون أن يمر علي القائمين علي هذه الأعمال الأمر الذي يؤكد أن بعض أولئك لديهم القناعة والاستعداد لنشر مثل هذا الإسفاف المتطاول علي رب العزة والجلالة.
السؤال هنا.. ما هي الحرية وما هو الإبداع في الإصرار والاصطدام مع المقدسات؟
يقول الدكتور طه حبيشي أستاذ ورئيس قسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إن مصطلح الإبداع يعني به أصحابه ومصطنعوه الإنشاء من العدم والقول والفعل علي غير مثال سبق ولا يهم بعد ذلك أن يصطدم فعلهم وقولهم بما للأمة من ثوابت والمبرر عندهم في كل مرة يخالفون فيها ثوابت الأمة هو الحرية باعتبارها مبدأ لا يقاوم ولا يجوز الاعتداء عليه.
أضاف د. حبيشي أن ما يقوله هؤلاء يتعارض مع كل نظام ولم تمرره جامعة من الجامعات علي إطلاقه في عصر من العصور في مرمي عيون التاريخ أو قبل التأريخ مشيراً إلي أن الحرية كلمة تعد من الألفاظ المشتركة فهي تطلق علي الحرية الطبيعية كما تطلق علي الاجتماعية.
ومع أن الحرية كلمة تطلق علي هذين المعنيين فإن البعد بين حقيقة كل معني منهما يحتاج إلي لفت النظر إن لم يكن يحتاج إلي الشرح والإيضاح.. فالحرية الطبيعية ممنوحة من الخالق لكل حي مع اختلاف درجات الحيوان فالطائر يطير في الهواء كيف يشاء وأنا من حقي أن آكل حين أحتاج إلي الأكل وأتنفس من الهواء كما أريد.. إنها حرية طبيعية علي كل حال وليس لأحد من الناس أن يتحكم في هذه الحرية مهما كانت الذرائع وعلي أي نحو من الأنحاء كانت "التعلاَّت".. أما الحرية الاجتماعية فهي حرية الكلمة وحرية التملك وحريات أخري من هذا القبيل وهي كثيرة.. وهذا النوع الثاني من الحريات يمنحه النظام الذي تخضع له الجماعة بقصد الحفاظ علي الجماعة أفراداً وجماعات.
وحين تريد الجماعة أن تمنح هذه الحرية لأفرادها فإنها تنطلق من نظامها الذي يبني حتماً علي ثوابت ومتغيرات وتعد الثوابت في كل نظام خطوطاً حمراء يعقلها العالمون وتغيب عن ذهن كل غافل ولو فقد النظام ثوابته كانت الحرية فيه بمنزلة هذه الشوارد الحرة التي لا وظيفة لها إلا القضاء علي كل خلية حية.
قال د. حبيشي إن كل نظام لا يخلو عن هذه الثوابت فالنظام الديمقراطي له ثوابته والنظام الشيوعي حين وجهته الدولة ورعاه الدستور كان له ثوابته.. إن كل نظام له ثوابته علي كل حال والاعتداء علي الثوابت لابد أن يقابل بأعلي درجات الردع بحكم الدستور في كل نظام وإلا لانهار النظام نفسه وهدم المعبد علي رأس من فيه.. والإسلام ليس بد
|