بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على المبعوث ِ رحمة ً للعالمين
وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وأشهدُ أن مُحمداً عبدهُ ورسوله
***************************************
الأدب والتأدب في الإسلام بابٌ عظيمٌ ، ولا يستقيمُ العبدُ إلا إذا تأدب به ِ وعرفهُ والتزم ، والأدبُ أنواع ومنهُ الأدب مع الله جل جلاله أولاً ، ومع كتابه ِ وكلامه ِ، ثمَّ الأدب في بيوت الله ، ثم مع الأنبياء والرسل ومن ثمَّ مع الصحابة (رضوان الله عليهم ) ومن ثمَّ مع العلماء ، والتأدب مع أولي الأمر ومن يُولى أمر ِ المسلمين ، ومع الوالدين والشيوخ وكبار السن ومن ثمَّ أدب الزوجة مع الزوج والزوج مع الزوجة ، وأدب الأبناء مع الآباء ، ثمَّ الأدب مع رحمك ، وهناك آداب عامة كأدآب السلام والإستئذان والمجالس والعُطاس والتثاؤب والضحك وحفظ اللسان والمِزاح والطعام والشراب والمشي والأدب مع مخلوقات الله الأخرى من بهائم وغيرها ..... ، وباب أدآب الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر وهو باب عظيم لو عقلناهُ .
وما تردت أحوال المُسلمين اليوم إلا لتخليهم أو لجهلهم بهذه ألأدآب التي أدبنا بها دينُنا الحنيف ، وما سادَ أسلافُنا وأفلحوا إلا بهذه الأداب الحميدة التي علمهُم إياها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وخيرُ من تأدبَ من ربه ِ عز وجل .
1 ـ أولاً : الأدب والتأدب مع الله (جل جلالهُ) وتقدست أسمائه :
* عن أبي الدرداء قال : قال (صلى الله عليه وسلم) : ( أجلّوا اللهَ يغفر لكم ) رواه أحمد في المسند . فالإجلال ُ جالبٌ للمغفرة بإذنه ِ تعالى .
ومن الأدب مع الله تعالى ، ألا نذكر لفظ الجلالة أو إسم ٍ من أسمائه أو صفاته ِ دون توقير وتعظيم وإجلال وثناء ٍ حسن ٍ ، كما يتحدث أحدنا مع بعض الناس أو من هُم دون منه ، فعندما يذكرُ إسم الله في مجلس أو في سوق ٍ ، يقول ( الله ) أو ( ربك ) أو ( إللي خلقك ) أو( هو ربك ) أو (ربنا ) من غير ِ إجلال ٍ وتعظيم ٍ وتوقير ٍوثناء ٍ حسن ٍ ، وكأنهُ مخلوق مثله ِ أو ند ٍ له ، تعالى الله عن المُشابهه والمُشاكلة ِ والندية ِ والمثل ( ليس كمثله ِ شيءٌ وهو السميع البصير ) ، فهل يليق ُ بنا كخلق ٍ لله ِ ألا نـُعظمَ خالقنا والمُتفضلَ علينا بجميع النِعم ، فلله ِ المثلُ الأعلى ، لو أنَّ إنساناً عمِلَ لكَ معروفاً ما ، أو خِدمة ً ما ، تظلُ عُمركَ كلهُ تحفظ ُ له ُهذا الصنيع ، هذا إذا كنت من أهل ِ المعروف ، فكيفَ بمن يسرَ لكَ من يعمل لكَ هذا الصنيع أصلاً ، وأنعمَ عليكَ وعليه ِ ، ولولا الله عز وجل وتوفيقهُ ما عملهُ لكَ أصلاً ، فالمُستحق للشكر والتعظيم والتوقير والإجلال هو الله جل جلاله وتقدست أسمائه .
* وقد ذكر لنا رُبنا تعالى في كتابه ِ العزيز ، عن قلة الأدب من بني إسرائيل وهم يُحاورون موسى (عليه الصلاة والسلام) ، في ذكر ِ إسم الله تعالى في قصة البقرة مع موسى (عليه الصلاة والسلام) ، فقالوا : ( قالوا أدعُ لنا رَّبكَ يُبين لنا ما هي ) ثم ( قالوا أدعُ لنا رَّبكَ يُبين لنا ما لونُها ) ثم ( قالوا أدعُ لنا رَّبكَ يُبين لنا ما هي إنَّ البقرَ تشابهَ علينا ) فلم يقولوا ربنا أو يوقروا الله جل جلاله ، بل قالوا ( ربك ) ، وكلَ هذا وهم مُتَبِعونَ لموسى (عليه الصلاة والسلام) ومؤمنونَ به ، فهل يوجد أكثر من ذلك قلة َ أدب ... !!!
ومن قلة الأدب مع الله ، أن يقول البعض ـ الله فوق وفلان تحت ـ أو التقليل أو النقيص من شأن الله جل عُلاه ، أو مشابهته ِ بالمخلوقين تعالى الله علواً كبيراً عما يصفون ، ومما يظنه الناس خيراً ، عنما يقول أحدهم : ( يسعد الله ) وهذه اللفظة من الأخطاء الشائعة ، وهي تشبيه الخالق بالمخلوق من حيث أن ندعو له بالسعادة كالمخلوقين ، فالله ندعوهُ ولا يُدعى لهُ ، فعندما يقول البعض ( يسعد الله ) فهل من إله ٍ آخر ندعوهُ ليُسعد الله ؟؟ . فهذا شركٌ وإنتقاصٌ في حق الله جل جلاله .
ومن قلة الأدب مع الله ، ومن الشرك الأكبر ، قول ما شاء الله وشئت ، ومن خير الله وخيرك ، وداخل على الله وعليك ، لولا فلان كان كذا وكذا ، ولولا الله وأنت ، وجاه الله عليك ، لأنه لا يُستشفع بالله ِ على المخلوق ، ومن بركة الله وبركتك ، قال تعالى : ( فلا تجعلوا لله ِ أنداداً وأنتم تعلمون ) البقرة 22 . ( قل ما شاء الله وحده) رواه أحمد . ( لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ، بل قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان ) رواه أحمد وأبو داود .
* سأنقلُ بعض الآيات والأحاديث لتتعرف على عظمة ربك عز وجل من عظيم خلقه ِ ، لتتعلم كيفَ تتأدب مع خالقك جل جلاله وتقدست أسماءه عندما تذكرهُ أو تدعوهُ أو تـُناجيه ِ،
* قال تعالى : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر 67 .
* وقال تعالى : ( اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )
البقرة 255 .
* وقال تعالى : ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) الحاقة 17 .
* وقال (صلى الله عليه وسلم) :
من حديث جابر قال : قال : رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ( أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ) أخرجه أبو داود وابن أبي حاتم .
والله عز وجل مُستغني عن العرش وحملته ِ والكرسي والملائكةَ والخلق ِ أجمعين .
* وحديث ٌ آخر ذكره ابن كثير في تفسير آية الكرسي ، قال ابن جرير حدثني يونس أخبرني ابن وهب قال ،قال ابن زيد قال (صلى الله عليه وسلم) : ( ما السموات السبع في الكرسيّ إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس )
* ومن حديث أبي ذر الغفاري ( رضي الله عنه) قال : سمعت رسول الله : ( ما الكرسيّ في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهراني فلاة من الأرض )
* وعنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم): ( والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض ٍ فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة )
من تفسير آية الكرسي لأبن كثير .
خلقٌ بهذه العظمة ألا يدل على خالق ٍ عظيم .... ؟؟؟
فتأدب يا عبدالله مع ربكَ جل جلالة وتعلم كيفَ تذكرَ أسمائه ِ وصفاته وكبرهُ تكبيراً ...... وأثني عليه ِ الخيرَ كله ِ ، ووقرهُ وأجلهُ إجلالاً .......
وأجملُ وأكملُ الثناء أن تقول :
( لا أ ُحصي ثناءً عليك َ أنتَ كمآ أثنيتَ على نفسك )
* ولله ِ المثلُ الأعلى ، لو خاطبَ ولدٌ عاقلٌ والدهُ بإسمه ِ مُجرداً أمامَ الناس ِ فماذا سيكونُ رذُّ فعل ِ أبيه ِ أو رذّ ُ فعل ِ الناس .... ؟؟؟
الأدب الأدب مع الله جل عُلاه ، يا عباد الله.....
* ومن أعظم وأقبح الأمور قلة ً في الأدب ، أن يشتم مخلوق حقير (جرى من مجرى البول مرتين) ربهُ وخالقهُ ، فقد ذكر ابن تيمية في كتابه ِ الصارم المسلول في شاتم الرسول ، حُكم شاتم الذات ألإلهية فقـــــــال :
( يُقطع عُنقهُ ولو تاب وأمرهُ إلى الله إن شاء عذبهُ وإن شاء غفرَ لهُ ).
فالحذر كل الحذر يا من تتطاول على العزيز الجبار .....
والله ِ لولا سبقت رحمة ُ الله ِ غضبه لمسخنا ولسحقنا ولعذبنا في الدنيا قبل الآخرة ، بقلة ِ أدبنا معه ُ جل جلالهُ وتقدست أسمائه وعز شأنهُ .
ولكنهُ حليمٌ كريمٌ برّ ٌ لطيفٌ ، ولا يُعاجلُ بالخطايا والذنوب لمن بارزهُ بالمعاصي وقلة الأدب .......
* ومن الأدب مع الله تعالى ، الأدب مع كتابه ِ وكلامه ِ ، فلا نـُهين كتاب الله ونحافظُ عليه ِ ونحفظه ُولا نُدخله الخلاء ، ونحفظهُ كما نحفظ ُ أرواحنا بل أكثر، ولا نهجرهُ بترك تلاوته ِوتدبر آياته ِ ، قال تعالى : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) الفرقان 30 .
* وقد بوب الإمام البخاري باب عدم السفر بكتاب الله إلى بلاد الكفار ، وما ذلك إلا لكرامة كتاب الله وعزته ، وعدم تدنيس الكفار له .
* ومن الأدب مع الله تعالى، الأدب مع أسمائه ِ وصفاته ِ وألا تتسمى أو تـُسمي ولدك بالأسماء التي لا تـُسمى إلا لله مثل ، الله ، الرحمن ، الرحيم ، الرزاق ، وحبيب الله أو حبيب الرحمن ، أو عاشق الله أو عاشقة الله ، ...... فقبل تسمية ولدك بأسماء فيها شك ، فاستشير أهل العلم بالإسم .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ) متفق عليه . وفي رواية : ( وهو وتر يُحبُ الوتر ) متفق عليه .
وعن أبي هريرة قال ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدئ المعيد المحيي المميت الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعالي البر التواب المنتقم العفو الرؤوف مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني المانع الضار النافع النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور ) رواه الترمذي وابن حبان والهيثمي والبيهقي والحاكم وابن ماجة . وقال أبو عيسى هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) .
* وألا تتسمى أو تـُسمي ولدك بالأسماء التي فيها تعبيد لغير الله جل جلاله مثل عبد النبي ، وعبد الرسول ، وعبد الرضا ، وعبد الحسين ، وعبد المطلب ، أوعبد ٍ لأي مخلوق .
ومثل ألأسماء التي يُظن أنها من أسماء الله تعالى مثل ، عبد الستار ، والساتر والفرد ، وما شابهها هي ليست من أسماء الله الحسنى .
* ومن الأدب مع الله ، ألا نحلف بغير أسمائه ِ وصفاته ِ وكلامه ِ ، كأن نقول والنبي ، والكعبة ، وحياتي ، وحياتي ، بالذمة ، وبالأمانة ، وبشرفي ، وبولادي ، وبروح فلان ، والناس بتحلف بحياته ِ ، وبجاه فلان ، وبحق فلان ، وبالأموات ، فكل هذا شرك أصغر إذا كان المقصود عدم التعظيم .
* ومن الأدب مع الله الطاعة المُطلقة وإمتثال أوامره ِ واجتناب نواهيه ِ عن النعمان بن بشير قال : ( سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يقول وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بيّنْ وإن الحرام بيّنْ وبينهما مشتبهات لا يعلمُهنَّ كثيرمن الناس فمن اتقى الشبهات إستبرأ لدينه وعِرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملكٍ حِمى ألا وإن حمى اللهِ محارمهُ ، ألا وإن في الجسدِ ُمضغة إذا صلُحت صلُح الجسدُ كلهُ وإذا فسدت فسد الجسدُ كلهُ ، ألا وهي القلب ) صحيح مسلم .
* ومن الأدب مع الله ، ألا نـُشركَ به ِ شيئاً وألا نؤذيهُ بنسب الصاحبة َ والولد ِ لهُ جل عُلاه ، وألا نصفهُ بصفات النقص كالمخلوقين ، قال تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ، وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء 116 .
* ومن الأدب مع الله ، أن يُطاعَ فلا يُعصى ، وأن يُذكرَ فلا يُنسى ، وأن يُشكر فلا يُكفر ، وحقنا على الله تعالى إذا فعلنا ذلك ، ألا يُعذبنا وأن يُدخلنا الجنة .
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( ما من قوم ٍ يقومونَ من مجلس ٍ لا يذكرونَ اللهَ فيه ِ إلا قاموا عن جِيفة ِ حمار ٍ وكان عليهم حسرةً ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم .
* ومن الأدب مع الله ، ألا نؤذيه ُ بأقوالنا وبأفعالنا وألا نقولَ على الله ِ ما لا نعلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسبُ الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلبُ الليلَ والنهار) صحيح البخاري .
* ومن الأدب مع الله ، التأدب بأدآب (بيوت الله) المساجد ، فلا نجعلها كالأسواق ، ولا نرفع الأصوات ولا نصخبَ بها ولا نتكلم بألفاظ لا تليق ببيوت الله ، ونـُحافظ على نظافتها وعمارتها البدنية والإنشائية ، ونعقد مجالس العلم والفقه بها ، ولا نهجرها ونسعى في خرابها .......
* قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( من سمعَ رجلاً ينشدُ ضالة في المسجد فليقل : لا ردها اللهُ عليك ، فإنَّ المساجدَ لم تـُبنَ لهذا ) رواه مسلم .
* وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( إذا رأيتم من يبيعَ أو يبتاعَ في المسجد فقولوا له : لا أربحَ اللهُ تجارتك ) رواه الترمذي والنسائي وحسنه .
* وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( إنَّ المُصلي يُناجي ربهُ عز وجل ، فلينظر بمَ يُناجيه ؟؟ ولا يجهر بعضكم على بعض ٍ بالقرآن ) رواه أحمد بسند صحيح .
* وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) : ( عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وإياكم وهيشات الأسواق ) رواه مسلم في الصحيح وأبو داود والترمذي .
* وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( عُرضت عليََّ أجورُ أمتي حتى القذاة يُخرجها الرجل من المسجد ) رواه أبو داود والترمذي وابن خزيمة .
* وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( من أكلََ الثومََ والبصلَ والكُراث فلا يقربنَ مسجدنــا ، فإنَّ الملائكةَ تتأذى مما يتأذى منهُ بنو
آدم ) متفق عليه .
فهل نحن مؤدبون مع الله جل عُلاه ....؟؟؟
2 ــ ثانياً : الأدب والتأدب مع الأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام) :
* من الأدب مع الأنبياء والرسل ، ألا نذكر إسم نبيّ ٍ ولا رسول ٍ من الأنبياء والمرسلين كما نذكر بعضنا بعضاً ، ودون الصلاة والتسليم عليه وعلى نبينا كقولنا : ( عليه ِ وعلى نبينا الصلاة والسلام ) ، ومن أركان الإيمان الستة أن نؤمن بهم أجمعين ولا نـُفرقُ بينَ أحد ٍ منهم .ِ
* قال تعالى : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة 285 .
* وقال تعالى : ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور 63 .
* وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) الحجرات 3 .
* هذا كان في حياته ِ (صلى الله عليه وسلم) وبعد وفاته ِ بتطبيق سُنتــهِ وعدم هجرها ، وألا يعلو قولَ أحد ٍأو رأيه ِ على قوله ِ وحديثه ِ وفعله ِ وتقريره ِ، فبعض المُتحذلقة اليوم يُقدمون قولهم ورأيهم وفعلهم على قول وفعل ورأي النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وهناك أيضاً من يرفضون السُنة بالكليّة وهم ما يُسمون َ بالقرآنيين ، وقد أخبرَ النبي (صلى الله عليه وسلم) عنهم في الحديث التالي :
* عن المقدام بن معدي كرب الكندي قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ، ألا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ، ولا كل ذي ناب ٍ من السباع ، ألا ولا لقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروهم فإن لم يقروهم فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي .
* قال تعالى : ( مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر 7 .
* وقال تعالى : ( لا تجعلوا دُعآءَ الرسول ِ بينكُم كدُعآء ِ بعضِكُم بعضاً ) النور 63 .
* ومن الأدب مع نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) أن نـُكثر الصلاة عليه ِ كلما ذكرناه ، وألا نغفل عن ذكره ِ دائماً والصلاة والتسليم عليه ِ ، فقد جاء في الأحاديث :
قال (صلى الله عليه وسلم) :(من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ) رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد .
وقال (صلى الله عليه وسلم) :(البخيل من ذكرت عنده فلم يُصل ِعلي) رواه أحمد والترمذي .
وقال (صلى الله عليه وسلم) : ( إنَّ للهِ ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام ) رواه أحمد والنسائي والدارمي .
وقال (صلى الله عليه وسلم) : ( ما من أحدٍ ُيسلم عليَّ إلا ردَ الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام ) رواه أحمد وأبو داود .
* سبحان الله نتأدب مع الأنبياء والمرسلين ونأخذ الأجر العظيم من الملك الجليل ..... !!!
ومما نسمع من قلةِ الأدب مع الأنبياء ، كقول بعض الناس سخرية أو جهلاً ، مثل : صليلك على كوم أو كمشة أنبياء ، هل أصبح الأنبياء المُصطفين من الملك الجليل كصبرة خضار أو كوم بطاطا مثلاً ، أو ما شابهه .... ؟؟؟
وأية ُ قلة أدب ٍ هذه ، فهل وصلت قلة الأدب بالناس للتعدي على الرسل والأنبياء والسخرية عليهم .... ؟؟؟
وهناك من يقول ، ( إللي إله نبي يصلي عليه ) ، أليس ذلك بجحود لباقي الأنبياء والمرسلين ؟؟؟ ولقد سُقت الآية بوجوب الإيمان بجميع الأنبياء والصلاة عليهم أجمعين حين نذكرهم .
فهل نحن مؤدبون مع الأنبياء والمرسلين .... ؟؟؟
3 ــ ثالثاً : الأدب مع الصحابة (رضوان الله عليهم أجمعين)
ومن الأدب مع الصحابة (رضوان الله عليهم) ، ألا نذكر إسم صحابي أوصحابية ثبتت صحوبيتهم ِ للنبي (صلى الله عليه وسلم) إلا ونترضى عنهم ، فهذا من ألأدب ومن حقهم علينا ، فلولا جهودهم وتفانيهم في خدمة هذا الدين وتضحياتهم بالمال والنفس والجهاد لما وصل الإسلام لنا ولغيرنا في أسقاع وبقاع الأرض ، فمهما عملنا أوأنفقنا فلن نبلغَ مقدار مُدَ أحدهم أو نصيفهُ ، كما أخبرالنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال :
* عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال : ( قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ ُمدَ أحدهم ولا نصيفه ) البخاري ومسلم .
*وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) ،عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ( يأتي زمان يغزو فئام من الناس ، فيقال : فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال : نعم ، فيفتح عليه . ثم يأتي زمان فيقال : فيكم من صحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال : نعم ، فيفتح عليه . ثم يأتي زمان فيقال : فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فيقال : نعم ، فيُفتح عليه) رواه البخاري ومسلم وأحمد .
* وعن عمران بن حُصين (رضي الله عنه) قال ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( خيرُ أ ُمتي قرني ، ثم الذين يلُونهم ، ثم الذين يلُونهم ، ثمّ إنَّ بعدهم قوماً يشهدونَ ولا يُستشهدون ، ويخونونَ ولا يُؤتمنون ، وَينذ ُرونَ ولا يُوفونَ ، ويظهرُ فيهم السِّمَنُ ) متفق عليه .
وفي رواية : ( ويحلفونَ ولا يُستحلفون) . وفي رواية : ( ثمّ يخلفُ قومٌ يُحبونَ السُّمَانة ) مسلم في الصحيح .
السِّمَنُ و السُّمَانة : الغفلة وقلة الإهتمام بأمر الدين فهو غالب على ذوي الِّسمَانة .
وقال تعالى : مُزكياً الصحابة وراضياً عنهم في بيعة الرضوان فقــــــــال :
( لقد رضيَ اللهُ عن المؤمنينَ إذ يُبايعونكَ تحتَ الشجرة ِ فعلمَ ما في قُلُوبِهم فأنزلَ السكينة َ عليهم وأثابهُم فتحاً قريباً ) الفتح 18 .
فكان مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذه البيعة (1400 ) صحابي فرضي الله عنهم ، وأيُّ رضا ، إنهُ من المولى عز وجل ، ومعنى (علمَ ما في قلوبهم) : أيّ من الصدق والوفاء والسمع والطاعة لله ِ ولرسوله ِ .
* فيأتي زنديق من الزنادقة وطائفة من طوائف هذا الزمن ويطعن في أحد ٍ من الصحابة ويقول هُم رجال ونحن رجال ... !!! فإذا كان يعني بذلك الذكورة ... فنعم ، وأما الرجولة فلا ، وقد زكاهم الله وطهرهم وصدقهم ومدحهم ، ومن ثمَّ أنزلَ السكينة َ عليهم وأكرمهم بالفتح بعد ذلك وبالمغانم الكثيرة .
* وهُم الرجال الذين قال الله تعالى فيهم : ( مِنَ الْمُؤْمِنــِينَ رِجَالٌ صَدَقــُوا
مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) الأحزاب 23 .
فهل نحن رجال وهم رجال ....... ؟؟؟
والله لقد سمعت من بعض المسلمين وممن يُصلون معنا يقول : مين أبوبكر ومين عمر ومين عثمان ؟؟؟ فهم مثلنا ونحن مثلهم ، فأقوالهم كأقوالنا ورأيهم كرأينا ... !!! بل هناك من أهل السُنة من يسُبهم ويطعنُ بهم وبغيرهم فضلا ً عن بعض فرق الضلال .
*( ومعلوم أن قول الصحابي حُجة في الدين ما لم يجد له مُعارض من الصحابة ) وكل الصحابة عُدول وثقات ما لم يُطعن بهم من الصحابة ، بل من (صاحب صحابي) أي تابعيّ كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وأحمد وسقته آنفاً .
اللهم إجزهم عنا خيرَ الجزاء وأوفر لهم العطاء في الآخرة ....
فهل نحن مؤدبون مع الصحابة .... ؟؟؟
4 ـ رابعاً : الأدب مع العلمــــــــــــــاء :
ومن الأدب مع العلماء ، أن نترحم عليهم عند ذكر أسمائهم فنقــــول :
( رحمهم الله ) ، وندعو لهم ونسأل الله لهم المغفرة ، وأن نـُجلهم ونوقرهم ، فهم من عرفونا على الله جل جلاله ، وعلى سُنة النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ، والعلماء هُم ورثة النبياء كما سيأتي .
قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) فاطر 28 .
فالله جل عُلاهُ زكاهم بأنهم أخشى الناس للهُ ، أفلا نتأدب معهم ونـُجلــهم .
قال تعالى : ( إنَّ اللهَ يُدافعُ عن الذين أمنوآ ، إنَّ اللهَ لا يُحبُ كُلَّ خوان ٍ كفُور ٍ ) الحج38 .
* ومن الأدب مع العُلماء ، قال الإمام أبو حنيفة (رحمه الله) : ما مددتُ رجليَّّ نحو دار أستاذي حماد إجلالاً لهُ ، وكان بينَ داري ودارهُ سبعَ سِكك ، وما صليتُ صلاة ً منذ ماتَ حماد إلا استغفرتُ لهُ مع والديَّ ، وإني لأستغفرُ لمن تعلمتُ منهُ أو علمني عِلماً .
وقال القاضي أبو يوسف ( تلميذ أبو حنيفة) إني لأدعو لأبي حنيفة قبلَ والديَّ ، ولقد سمعتُ أبا حنيفة يقول : إني لأدعو لحمادَ مع أبويَّ .
ومن الأدب مع العلماء، ألا نسبهُم وألا نشتمهُم ، وألا نرفع أصواتنا أمامهم وألا نـُغلظ لهم القول ، وأن نحترمهم ونحترم علمهم ونُعذرهم إذا ما أخطأوا ، فلا يوجدُ عالمٌ معصومٌ ، ولكن إذا ما أخطأ أحدٌ منهم نعذرهُ ونلتمس لهُ العُذر، ولا نتتبع زلاتهم ورُخصهم فنبني منها دين بحجة أنها أقوالُ علماء .
وليعلم القاصي والداني أنّ لحوم العُلماء مسمومة ، والمقصود بالعُلماء ، علماء أهل السُنة ، فلا يجوز الطعن بهم واعلم يا عبد الله ، أن الله يُدافع عنهم وعن الذين آمنوا به .
* ومن الأدب مع العُلماء ، إذا أخطأ العالم في مسألة فقهية أو غيرها نُراجعهُ بكل ِ أدب واحترام ، ولا نعدُ عليه ِ أخطاءه وزلاته ، بل إذا أخطأ فلهُ أجر المُجتهد وإذا أصابَ فلهُ أجران .
* فقال الإمام مالك (رحمه الله) : كلُ إنسان يُؤخذ ُ منه ويُردُ عليه ، إلا صاحب هذا القبر ( وأشار إلى قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) .
* وقال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) : إن كان من حق ٍ وصواب فمن الله وحدهُ ، وإن كانَ من خطأ ٍ أو سهو ٍ أو نسيان فمني ومن الشيطان .
وهو أولَ من قال هذه المقولة .
* وقال التابعي محمد بن سيرين (رحمه الله) : ظلمٌ لأخيكَ أن تذكرَ كلَ مساويه ِ ، وتنسى محاسنه .
* وقال إبن الصلاح (رحمه الله) : ( من تتبعَ رُخص العلماء ِ فقد تزندق ).
* وقال الإمام الشافعي (رحمه الله) : ( قولنا الصواب وقول خصمنا الخطأ ، وصوابنا يحتمل الخطأ ، وخطأ خصمنا يحتمل الصواب ). ما أجمل هذه المقولة لو تدبرناها وعملنا بها عُلماءَ وعَوامْ .
* وقال ابن مسعود (رضي الله عنه) : إنَّ هذا العلمَ دين ، فانظروا عمن تأخذوا دينكم .
* وقال ابن مسعود (رضي الله عنه) : إتبعوا ولا تبدعوا فقد كُفيتم .
* وقال ابن مسعود (رضي الله عنه) : لعالمٌ واحد ٌ أشدُ على الشيطان ِ من ألف ِ عابد ٍ .
* فوالله الذي لا إله غيرهُ ، إنَّ الناس في هذا الزمن لمحتاجة ٌ للعلماء الربانيين ، أكثر من حاجتهم للهواء الذي يتنفسونه ، والماء الذي يشربونه ، والطعام الذي يأكلونه ، فهم المنارة التي يهتدي بها الحيارى في الظلمات ، فكيف لا نتأدبَ معهم .... ؟؟؟ .
* وعن عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) ، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ليس من أمتي من لم يُجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا ) رواه أحمد . أي : ويعرف لعالمنا حقه .
* وَرَوَىأَبُو دَاوُدَ،وَالتِّرْمِذِيُّ،وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُابْنُ حِبَّانَعَنْأَبِي الدَّرْدَاءِمَرْفُوعًا :( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا ً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًاً إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّالْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِلَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا ، وَلا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)
* وهَذا الْبَلاغ رَوَاهُالطَّبَرَانِيُّفِي الْكَبِيرِ عَنْأَبِي أُمَامَةَ، قَالَ : قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ( إِنَّلُقْمَانَقَالَ لإبْنِهِ : يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ ، وَاسْمَعْ كَلامَ الْحُكَمَاءِ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَيُحْيِي الْقَلْبَ الْمَيِّتَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ ، كَمَا يُحْيِي الآرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ(، قَالَالْمُنْذِرِيُّ: سَنَدُهُ حَسَّنَ وبِهِقال التِّرْمِذِيُّغَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَلَعَلَّهُ مَوْقُوفٌ ،
* وَعِنْدَالطَّبَرَانِيِّ،وَالْعَسْكَرِيِّعَنْأَبِي جُحَيْفَةَرَفَعَهُ): جَالِسُوا الْعُلَمَـاءَ ، وَسَائِلُوا الْكُبَرَاءَ ، وَخَالِطُوا الْحُكَمَاءَ( ، وَعَنِابْنِ عَبَّاسٍ ) :قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ نُجَالِسُ ، أَوْ قَالَ : أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ ؟ قَالَ : مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ ، وَزَادَ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ ، وَذَكَّرَكُمُ الآخِرَةَ عَمَلُهُ( .
* وَعَنِابْنِ عُيَيْنَةَ : قِيلَلِعِيسَىابن مريم (عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) : (يَا رُوحَ اللَّهِ مَنْ نُجَالِسُ ؟ فَقَالَ : مَنْ يَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُــهُ ، وَيُذَكِّرُكُمُ اللهَ رُؤْيَتُهُ ، وَيُرَغِّبُكُمْ فِي الآخِرَةِ عَمَلُهُ ) رَوَاهُمَاالْعَسْكَرِيُّ.
* فأفضل الخلق بعد الأنبياء والمُرسلين والصحابة ، هُم العُلماء .
* ومن الأدب مع العُلماء ،أدب التلميذ ومُتلقي العلم مع أستاذه.فأصبحَ طلابنا وتلامذتنا في المدارس لا يُوقرونَ أستاذاً ولا عالما ً ، بل سُلب حديثا ًمن المُدرسين سلاح التخويف والعقاب ، فأصبحَ الطالب يتطاولَ ويتعدى على أستاذه ِ بالضرب والشتم ولا يستطيع الأستاذ الرد عليه ِبسبب الفصل ولقمة العيش ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد كنا في زمننا القريب ، إذا لقينا أستاذنا خارج المدرسة ، نـُقبلُ يدهُ ونـُجلهُ ونوقرهُ ونحترمه ... !!! .
فهل نحن مؤدبون مع العلماء .... ؟؟؟
5 ـ خامساً : الأدب مع أوُلِي الأمر ومن وُليَّ أمرَ المُسلمين
هذه بعض من وصايا النبي (صلى الله عليه وسلم) للراعي والرعية والأمراء والمُؤمر عليهم ، وللرؤساء والمرؤوسين : ــ
* عن ابن عمر(رضي الله عنهما) قال : ( سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند حجرة عائشة يقول ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ولا غدرة أعظم من غدرة إمام عامة ) مسند أحمد .
* وعن أبا مريم الأزدي قال : ( دخلت على معاوية فقال : ما أنعمنا بك أبا فلان وهي كلمة تقولها العرب فقلت حديثا ً سمعته أخبرك به ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره ) رواه أبو داود . قال فجعل رجلا ً على حوائج الناس .
* وقال (صلى الله عليه وسلم) : ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن ُيطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني ، وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله وعدل فإن له بذلك أجراً وإن قال بغيره فإن عليه منه ) صحيح البخاري.
* وعن يحيى بن حصين عن جدته أم الحصين قال سمعتها تقول :
( حججت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الشمس قالت فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قولاً كثيرا ثم سمعته يقول إن ُأمر عليكم عبدٌ مجدعٌ حسبتها قالت أسود يقودكم بكتاب الله تعالى فاسمعوا له وأطيعوا ) صحيح مسلم.
* وقال (صلى الله عليه وسلم) :( السمع والطاعة حق ما لم ُيؤمر بمعصية فإذا أمرَ بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) رواه البخاري ، الترمذي ، أبو داود ، ابن ماجه ، وأحمد .
* وعن عبد الله ابن مسعود (رضي الله عنه) : عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : ( السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يَؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) سنن أبي داود .
* وعن جنادة بن أبي أمية قال دخلنا على عبادة بن الصامت ( وهو مريض قلنا أصلحك الله ، حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي (صلى الله عليه وسلم) قال دعانا النبي (صلى الله عليه وسلم) فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كُفرا بواحا ً عندكم من الله فيه برهان ) صحيح البخاري .
* وعن ابن عباس(رضي الله عنهما) قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية ) صحيح مسلم .
* وعن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال : ( سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا ُأمراء يسألونا حقهُم ويمنعونا حَقنا فما تأمُرنا فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس وقال : اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ) صحيح مسلم .
* وعن عبد الله ابن مسعود (رضي الله عنه) قال : ( قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا ً تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) صحيح البخاري .أيّ ندعو الله أن يُحصلَ لنا حقنا .
* وعن عوف بن مالك (رضي الله عنه) : ( عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من وُلاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا ً من طاعة ) صحيح مسلم.
وهذا أقوى دليل على عدم الخروج على الحاكم أو وليّ الأمر ، ما لم يمنعونا من الصلاة ، ونكره عمله السيء ، ولا ننزع يد السمع والطاعة ، ول نقاتلهُ بالسيف كما أوصانا حبيبنا (صلى الله عليه سلم) بهذا الحديث .
فهل نحن مؤدبون مع أولي الأمر .... ؟؟؟
6 ـ سادسا ً: الأدب مع الوالدين والأقربين :
* قال تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ًوذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا ًوأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ) البقرة 83
* وقال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) النساء 36 .
* وقال تعالى : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) الأنعام 156 .
* وقال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ً * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ً ) الأسراء 23 ، 24 .
قرن الله تعالى حق الوالدين والإحسان إليهما بعبادته سبحانه وتعالى كما قرن شكرهما بشكره ؛ لأنه الخالق وحده ، وقد جعل الوالدين السبب الظاهر في وجود الولد .
* قال (صلى الله عليه وسلم) : ( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أنى لي هذه ؟ فيقول : باستغفار ولدك لك ) رواه أحمد .
* وقال (صلى الله عليه وسلم) :( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم وأحمد والنسائي والترمذي وأبو داود والدارمي .
* وعن سعد بن عبادة الأنصاري : ( أنه استفتى النبي (صلى الله عليه وسلم) في نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه فأفتاه أن يقضيه عنها ، فكانت سنة بعد )البخاري ومسلم وغيرهم .
* وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : " الصلاة على وقتها " قال : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " ، قال : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله ) البخاري ومسلم وغيرهم .
وبر الوالدين ُيدخل الجنة بإذن الله تعالى :
* فعن أبي الدرداء (رضي الله عنه) قال : سمعت رسول (الله صلى الله عليه) وسلم يقول : ( الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه ) الترمذي وابن ماجه و أحمد .
* وعن معاوية بن جاهمة (رضي الله عنهما) : ( أن جاهمة جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك فقال (صلى الله عليه وسلم) : "هل لك من أم ؟" قال ؛ نعم . قال : "فالزمها فإن الجنة تحت رجليها )رواه النسائي و ابن ماجه .
* بر الوالدين يرضي الرب عز وجل ، فعن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( رضى الرب في رضى الوالد ، وسخط الرب في سخط الوالد ) سنن الترمذي .
* فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رغم أنفه ، (رغم أنفه: أي لصق أنفه بالرغام وهو التراب المختلط برمل) ثم رغم أنفه ، ثم رغم أنفه" قيل : من يا رسول الله ؟ قال : "من أدرك والديه عند الكبر : أحدهما ، أو كليهما ثم لم يدخل الجنة )صحيح مسلمشرح النووي .
* ولا شيء يُجازي الولد عن الوالد ِ إلا في حالة واحدة وهي :
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( لا يجزي ولدٌ والدا ً إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة .
* ومن الأدب مع الوالدين ، أن لا يتعرض لسبهما ، ولا يعُقهما ولا يكون سببا ً في شتمهما .
* فعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( من الكبائر شتم الرجل والديه" قالوا يا رسول الله ، هل يشتم الرجل والديه ؟ قال : "نعم ، يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه ) البخاري ومسلم وغيرهم
* وعن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : ( لعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من لعن والديه ، ولعن الله من غير منار الأرض ) رواه مسلم وأحمد والنسائي .
* ومن الأدب مع الوالدين ، قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ٍ ولا تنهرهُما وقل لهما قولا كريما ً) وهذا أمرُ ربنا جل جلالة وتقدست أسمائه للأبناء بالتأدب مع الأبآء بالقول والكلام ، ولم يُجز حتى لفظة التأفف أن تـُقال لهما فضلا ً على أن ينهرهما ويُغلظ لهما القول ، وأمرَ أيضاً بالقول الكريم الدفيء اللطيف وأن يتذلل لهما .
* وأن يُعامل والداه بالرأفة والرحمة وبأكثر ما يُعاملَ طفلهُ الصغير أو كما تـُعامل الطير صغارها .
* وأمره الله عز وجل أن يتواضع لهما ويخفض لهما جناح الذل من الرحمة احتسابا للأجر لا للخوف منهما ، وأمرهُ اللهُ عز وجل أن يدعو لهما بالرحمة أحياءً وأمواتاً ، جزاءً على تربيتهم وإحسانهم .
*ومن الأدب مع الوالدين ، ألا يرفع الصوت بحضرتهما ، وألا يتقدم في السير أمامهما ، وألا يتكلم حتى يسكتا ، وألا يَطعمَ حتى يأكلا هذا إذا كان الطعام قليلاً ، وأن لا َيمُدُ يديه ِ إلى الطعام قبلهما .
* عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر (رضي الله عنهما) : ( أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه فقال واحد منهم اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز فذهب وتركه وأني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا وأنه أتاني يطلب أجره فقلت له اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال لي إنما لي عندك فرق من أرز فقلت له اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة فقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء فقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت فأتيتها بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها فقالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركت المائة دينار فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ففرج الله عنهم فخرجوا ) صحيح البخاري
* ومن الأدب مع الوالدين ،
أداء حق الوالدين وإن كان فرضا فإنه يتفاوت في الأحقية ، فالأم عانت صعوبة الحمل ، وصعوبة الوضع ، وصعوبة الرضاع والتربية، فهذه ثلاث منازل تمتاز بها الأم عن الأب .
* فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : (جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : "أمك" قال : ثم من ؟ قال : "أمك" قال : ثم من ؟ قال : "أمك" قال : ثم من؟ قال : "ثم أبوك ) رواه البخاري ومسلم وأحمد .
وفي رواية لمسلم : ( أمك ، ثم أمك ، ثم أمك ، ثم أبوك ، ثم أدناك أدناك ) وأدناك : بالنسبة للرحم والأقارب .
* وقول النبي (صلى الله عليه وسلم) للرجل الذي يستأذن في الجهاد : " أحيٌ والداك ؟ " قال : نعم . قال : " ففيهما فجاهد ) رواه البخاري ومسلم وغيرهم .
* وجاء في الصحيح : ( إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ُود أبيه ) صحيح مسلم .
* ومن الأدب مع الوالدين ،من الأعمال الطيبة المباركة التي يوصل بها الوالدان بعد موتهما : الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما .
* وعن أبي بردة أنه شهد : ( ابن عمر رضي الله عنهما ، ورجل يماني يطوف بالبيت ، حمل أمه وراء ظهره يقول : إني لها بعيرها المـــذلل ........... إن أذعرت ركابها لم أذعــر ِ
ثم قال : يا ابن عمر ، أتراني جزيتها ؛ قال : "لا ، ولا بزفرة واحدة ) رواه البخاري .
فهل نحن مؤدبون مع الوالدين والأقربين ..... ؟؟؟
7 ـ سابعـا ً : الأدب مع كبار السن من المسلمين :
* عن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط ) صحيح البخاري .
* ومن الأدب مع كبار السن ،( إن من إجلال الله ) : أي تبجيله وتعظيمه ( إكرام ذي الشيبة المسلم ) : أي تعظيم الشيخ الكبير في الإسلام بتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه ونحو ذلك .
* وعن عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا ) رواه أحمد .
* وفي رواية : ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي .
* ومن الأدب مع كبار السن ، أن نـُجلهُ لكبره ِ ونوقرهُ ونحترم شيبته ، فإذا كان الله جل جلاله يستحي أن يُعذب شيبة شابت في الإسلام ، فكيف بنا لا نـُجلَ ونوقر من يستحي منه ربنا عز وجل ... !!
ومن إجلال الله ، إجلال ذي الشيبة المسلم .
فهل نحن مؤدبون مع كبار السن من المسلمين .... ؟؟؟
8 ـ ثامناً : أدب الزوج مع زوجته ِ والزوجة مع زوجها :
الأدب بين الزوجين من الضرورات المُهمة لتستمر الحياة الزوجية وتستقيم ، وبالتالي ينعكس على الأولاد في تنشأتهم وتربيتهم ، فالفعل أبلغ من القول ، فإذا ما شاهد الأولاد من ذويهم الأدب والإحترام المُتبادل ، فحتماً سينعكس على تربية الأولاد إيجاباً ، ويكبر الأولاد ويشبوا على الأدب والقيم المُثلى ، فهم لبنة المُجتمع الأولى ، وإذا كان العكس ، إنعكس على الأطفال سلباً ، فكم من طفل ٍ نشأ وتربى على قلة الأدب الذي إكتسبهُ من طباع والديه ؟؟ وبعدها نقول هذا الجيل غير مؤدب ويفتقد للأدب ... !! . كثيرٌ من الأزواج ِ يُطالبونَ زوجاتهم بحقهم عليهنَّ أكثرَ مما يُؤدون لزوجاتهم من حق ٍ عليهم ، والله تعالى يقول : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِيعَلَيْهِنَّبِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّدَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة 228 .
فالأدب بين الزوجين يبدأ بحقوقِ كل ٍ منهما على الآخر ، فقمة الأدب أن يؤدي كلَ واحد ٍ منهم حق الآخر ، فإذا أدى كلَ واحد ٍ من الزوجين حقوق الآخر ، كانت الثمرة الأدب والتادب مع بعضهما البعض ، ولاستقامت الحياة نفسها .
فلو إستأجرت أجيراً وأديتَ لهُ حقهُ فهل يُخاصمك ؟؟ وإذا جحدت حقهُ أو ماطلتهُ ، فماذا ستكون النتيجة ؟؟ الخصام والمُشاجرة والتقاضي لدى المحاكم ، وهكذا هي الحقوق بين الزوجين ..... !!!
* وخيرُ من عرَّفَ حقوق الزوجين هو النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ، فالنتعرف على بعض هذه الحقوق من خلال هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) :
* عن عبد الله بن أبي أوفى قال : ( قدِمَ معاذ اليمن أو قال الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروأ في نفسه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحق أن يعظم فلما قدم قال يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروأت في نفسي أنك أحق أن تعظم فقال لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله حتى لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه ) رواه أحمد و أبن ماجة .
الله الله ، لو عرفت النساء هذا الحديث وعظمته لما آذت زوجها ، ولما أغضبته ، ولما تقاعست عن تأدية حقوقة وواجباته ، وذلك كلهُ بالمعروف .... !! .
ـ ومعنى قوله : ( لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) أي : لكثرة حقوقه عليها وعجزها عن القيام بشكرها ، وفي هذا غاية المبالغة لوجوب إطاعة المرأة في حق زوجها ؛ فإن السجدة لا تحل لغير الله .
* وعند الترمذي ، (وابن ماجة مرفوعاً) عن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) : ( لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله ، فإنما هو دخيل يوشك أن يفارق إلينا ) .
فهل تقبل المرأة أن تدعو عليها الحور العين لأذيتها زوجها ... ؟؟ .
* وعن أنس (رضي الله عنه) أخرجه أحمد بلفظ : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ، ثم استقبلته تلحسه ما أدت حقه ) : ( حديث أبي هريرة حديث حسن غريب إلخ ) قال الشوكاني في النيل بعد ذكر أحاديث في معنى حديث أبي هريرة هذا ما لفظه : فهذه أحاديث في أنه لو صلح السجود لبشر لأمرت به الزوجة لزوجها يشهد بعضها لبعض ويقوي بعضها بعضا .
وهذا الحديث أغلظ على النفس البشرية ، لما تعاف من قاذورات ، ولكن التشبيه هنا لعظمة حق الزوج على زوجته ِ ، ولدفع الزوجة للقيام بواجبات زوجها بتفاني وإخلاص ، ولو فعلت الزوجة ذلك لقابلها الزوج بالحسنى وبالمثل ، فهل جزاء الإحسان ِ إلا الإحسان ... ؟؟ .
وحتى لو لم يُقابل الزوج زوجته ِ بالحُسنى ، فلا يجوز للمرأة أن تتأخر عن طاعته ِ، وتحتسب ذلك عند الله تعالى ، واللهُ لا يُضيعُ أجرَ المُحسنين .
* وعن أبي ذرالغفاري (رضي الله عنه) فذكر حديثا فيه : ( وفي بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر ؟ قال : نعم ، أرأيتم لو وضعها في حرام ؟ أكان عليه فيها وزر ، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) أخرجه مسلم .
* وعن عياض بن عبد الله ( قوله (صلى الله عليه وسلم) للنساء تصدقن ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقلن : ولم يا رسول الله ؟ قال تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ) فتح الباري بشرح صحيح البخاري .
وكفران العشير هو كفر دون كفر ، ومعناها لو أحسن الرجل إلى زوجته ِ دهراً ثم رأت منه شيئاً ، قالت ما رأيتُ منكَ خيراً قط .
* وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها ) صحيح مسلم .
*عن ثوبان (رضي الله عنه) : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان .
ومن حق الزوجة على الزوج :
وهو من دواعي الأدب والتأدب ، أن يرفق بها ويلين الجانب بالقول والفعل ، والأخذ بالأسهل والأيسر ، وحسن الخلق ، وكثرة الاحتمال، وعدم الإسراع بالغضب والعنف . * قال (صلى الله عليه وسلم) : ( إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه ) البخاري ومسلم وغيرهما.
* وعن عائشة (رضي الله عنها) عن النبي(صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه ) رواه أحمد . و(من ُيحرم الرفق يحرم الخير ) رواه أحمد .
* وعن حكيم بن معاوية عن أبيه : ( أن رجلا سأل النبي (صلى الله عليه) وسلم ما حق المرأة على الزوج ؟ قال أن يطعمها إذا طعم وأن يكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يُقبـّح ولا يهجرإلا في البيت ) سنن ابن ماجة والنسائي.
ومعنى ( ولا تضرب الوجه ) : فإنه أعظم الأعضاء وأظهرها ومشتمل على أجزاء شريفة وأعضاء لطيفة ، وفيه دليل على وجوب اجتناب الوجه عند التأديب ( ولا تقبـّح ) : أي لا تقل لها قولا قبيحا ولا تشتمها ولا قبّحك الله ونحوه . ( ولا تهجر إلا في البيت ) : أي لا تتحول عنها أو لا تحولها إلى دار أخرى لقوله تعالى : ( واهجروهنَّ في المضاجع ).
* وعن أبي صرمة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( من ضارَ ضارَ الله بهِ . ومن شاقَ شق الله عليه ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه .
هذا الحديث دل على أصلين من أصول الشريعة : أحدهما : أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر ، وهذا من حكمة الله التي يحمد عليها ، فكما أن من عمل ما يحبه الله أحبه الله ، ومن عمل ما يبغضه أبغضه الله ، ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه ، كذلك من ضار مسلما ضره الله ، ومن مكر به مكر الله به ، ومن شق عليه شق الله عليه ، إلى غير ذلك من الأمثلة الداخلة في هذا الأصل .
الأصل الثاني : منع الضرر والمضارة ، وأنه ( لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجة . وهذا يشمل أنواع الضرر كله . وكل معاملة من هذا النوع ، فإن الله لا يبارك فيها ، لأنه من ضار مسلما ضاره الله ، ومن ضاره الله ، ترحل عنه الخير ، وتوجه إليه الشر وذلك بما كسبت يداه .
وكما يدل الحديث بمنطوقه : أن من ضار وشاق ضره الله وشق عليه ، فإن مفهومه يدل على : أن من أزال الضرر والمشقة عن المسلم فإن الله يجلب له الخير ، ويدفع عنه الضرر والمشاق ، جزاءً وفاقاً ، سواءً كان متعلقاً بنفسه أو بغيره .
ومن دواعي الأدب بين الزوجين ، لا يحل إضرار الزوج بزوجته من وجوه كثيرة : إما أن يعضلها ظلما ً لتفتدي منه ، أو يُراجعها لقصد الإضرار بها ، أو يميل إلى إحدى زوجتيه ميلا ً يضر بالأخرى ، أو يجعلها كالمعلقة .
ومن دواعي الأدب بين الزوجين ، أن على الزوجة القيام بحق الله ، وحق بعلها ، وتقديم حق البعل على حقوق الخلق ُكلهم .
ومن دواعي الأدب بين الزوجين ، أن على الزوج السعي في إصلاح زوجته ، وفعل جميع الأسباب التي تتم بها الملاءمة بينهما ، فإن الملاءمة هي المقصود الأعظم . ولهذا ندب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى النظر إلى المرأة التي يريد خطبتها ، ليكون على بصيرة من أمره .
ومن دواعي الأدب بين الزوجين ،
* عن عبد الرحمن بن سعد قال سمعت أبا سعيد الخدري (رضي الله عنه) يقول : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) صحيح مسلم .
*عن ابن عباس (رضي الله عنه) : (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) رواه ابن ماجة والترمذي والدارمي .
فهل نحن مؤدبون مع أزواجنا وزوجاتنا .... ؟؟؟
9 ـ تاسعـاً : الأدب مع جميع الناس :
وما أعظم أن يتأدبَ المسلمَ مع الناس ، فلو تأدب الجميع بأدآب وبأخلاق الإسلام لما حصلت خصومة في شوارعنا ونوادينا ، ولكن أنظر في أسواقنا ، لا تـُحترم المرأة والشيخ الكبير إذا خرجوا إلى الشارع وذلك بخدش سمعهم وحيائهم بألفاظ نابية وقمة ً في قلة الأدب ، فضلاً عن الغمز واللمز والمُعاكسة والأذى للمارة بالأقوال أو الأفعال ، ولا يوجد هناك قانون رادع للذي يخدش الحياء بألفاظه ، وحتى لو كان فلا نستطيع أن شرطي في كل شارع ، والله المُستعان .
قال تعالى : ( واقصدْ في مشيك َ واغضضْ من صوْتك َإنَّ أنكرَ الأصوَات ِ لصوتُ الحمير ) لقمان 19 .
وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ( الحياء والإيمان قرناء فإذا رُفعَ أحدهما رُفعَ الآخر ) ذكره إبن تيمية (رحمه الله) في كتاب الإيمان .
* والأعجب من ذلك، أن أطفال صغار لم يبلغوا الحُلم بعد ، يتلفظون بهذه الألفاظ في الشوارع والأسواق والمدارس .
* ومن الأدب مع الناس ، السلام على من عرفت ومن لم تعرف ،
* عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) : ( أن رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) أيُّ الإسلام خير ؟ قال : تـُطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) متفق عليه .
* ومن الأدب مع الناس ، أن لهم حقوق على بعضهم البعض وهي تـُفضي إلى الأدب والتأدب بينهم ، ومنها :
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال (صلى الله عليه وسلم) : ( للمؤمن على المؤمن ست خصال : يعودهُ إذا مرض ، ويشهدهُ إذا مات ، ويُجيبهُ إذا دعاهُ ، ويُسلم عليه ِ إذا لقيهُ ، ويُشمتهُ إذا عطس ، وينصحُ لهُ إذا غاب أو شهد ) صحيح مسلم .
* ومن الأدب مع الناس ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ( يُسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير ) متفق عليه .
وفي رواية البخاري : ( يُسلم الصغير على الكبير ، والمار على القاعد ، والقليل على الكثير )
* ومن الأدب مع الناس ، أن للطرقات أدآب كما جاء في الحديث التالي ،
* عن أبي سعيد الخدريّ (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إيّاكم والجلوس بالطرقات !! فقالوا : ما لنا من مجالسنا بُد ، نتحدث فيها قال : فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقهُ ؟ قالوا ما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : غض البصر ، وكفُّ الأذى ، وردُّ السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المُنكر) وفي رواية : ( وإرشاد السبيل )
( وتـُغيثوا الملهوف وتهدوا الضال ) أبو داود .
* عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) : عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أربع من كن فيه كان منافقا أو كانت فيه خصلة من أربعة كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ) صحيح البخاري .
* ومن الأدب مع الناس ، ألا نفجر في الخصومة وفي غيرها ، فنجد من بيننا ، وممن يُصلي معنا إذا حصلت خصومة بينهُ وبين آخر ، تجدهُ يفجر ويلعن ويشتم ويتفنن في ذلك ، وفي أحوالهُ العادية تراهُ وديعاً هادئاً وربما واعظاً لغيره ِ .... !! .
* عن عبد الله بن مسعود(رضي الله عنه) قال ( قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليس المؤمن بطعان ولا بلعان ولا الفاحش البذيء وقال ابن سابق مرة بالطعان ولا باللعان ) مسند أحمد .
* وعن أبي الدرداء (رضي الله عنه) قال ( سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة ) سنن الترمذي .
* وعن أبي الدرداء (رضي الله عنه) ( أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإن الله ليبغض الفاحش البذيء ) سنن الترمذي . والفاحش البذيء : الذي يفتقر إلى الأدب .... !! .
قال أبو عيسى وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وأنس وأسامة بن شريك وهذا حديث حسن صحيح .
* وعن ابن مسعود(رضي الله عنه) ( أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ُحرمَ على النار كلُ هين ٍ لين ٍ سهل ٍ قريب ٍ من الناس ) مسند أحمد . ولا شكَ في أنَّ الهين ٍ اللين ٍ السهل ٍ القريب هو مؤدب مع نفسهِ ِومع غيره ِ ,
* عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( لا تدخلونَ الجنَّة حتى تـُؤمنوا ، ولن تـُؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكُم على شيء ٍ إذا فعلتموهُ تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم ) صحيح مسلم. والحُب هو من دواعي الأدب .
* وعن عبدالله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) قال : ( جاء رجل ٍ إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : أيُّ الإسلام ِ خير يا رسول الله ؟؟
قال : تـُطعمَ الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) البخاري ومسلم . فالسلام من الأدآب الإسلامية بين المسلمين ، ومما يُفضي إلى الألفة والمحبة والرحمة والتواد بينهم .
فهل نحن مؤدبون مع جميع الناس ..... ؟؟؟
10 ـ عاشراً : الأدب والتأدب مع نفسكَ يا عبد الله :
فمن الأدب أن يتأدبَ الإنسانُ مع نفسه ِ ، فإذا لم يكن في الأصل مؤدباً مع نفسه ِ لن يكون مؤدباً مع كل ما ذكرت أعلاهُ ، ففاقدُ الشيء ِ لا يُعطيه ِ .
فخيرُ من تأدب مع نفسه ِ ومع الأخرين هو النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) .
* فقالت عنه أمنا أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها ) : ( كان خلقهالقرآن ، يغضب لغضبه ويرضى لرضاه ) رواه مسلم .
* وعن الحسن قال : ( سئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان خلقه القرآن) مسند أحمد .
* وعن أبي عبد الله الجدلي قال : ( سألت عائشة (رضي الله عنها) عن خلق النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت : لم يكن فاحشا ولا مُتفحشا ، ولا سخاباً في الأسواق ، ولا يُجزي بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح ) رواه الترمذي . والعفو والصفح من قمة الأدآب التي يتأدب بها الإنسان .
* وعن أنس (رضي الله عنه) قال : ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً ، كان يقول لأحدنا عند المعتبة : ما له تربت جبينه ) ولأحمد من حديث أنس (رضي الله عنه) : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه ، ) ولأبي داود من حديث عائشة (رضي الله عنها ) : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل : ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يقولونه ) .
* وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ) رواه مسلم . فهل يوجد في الدنيا أدبٌ أكثر من هذا ... ؟؟ .
ومعنى أحاسنكم وحسن الخلق : اختيار الفضائل ، وترك الرذائل .
* وقد أخرج أحمد من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) مرفوعاً : ( إنما بعثتُ لأتممَ صالح الأخلاق ) وأخرجه البزار من هذا الوجه بلفظ " مكارم " بدل " صالح " .
* وأخرج الطبراني في الأوسط بإسناد حسن عن صفية بنت حيي بن أخطب (رضي الله عنها) قالت : ( ما رأيت أحداً أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
فلنا في رسول ِالله (صلى الله عليه وسلم) أ سوة ٌحسنة ٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ، وكفا به ِ من مثل ٍ وقدوة ٍ في الأدب والأخلاق .
قال تعالى : ) لَقَدْكَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌلِمَنْكَانَيَرْجُو اللَّهَوَالْيَوْمَالْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا( الأحزاب 21 .
ومن الأدب والتأدب مع النفس ، أن نـُعامل الناس كما نـُحبَ أن يُعاملوننا .
فهل نحن مؤدبون مع أنفسنا ..... ؟؟؟
* والحمد لله ِ رب ِ العالمين *
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
* هذا والله أعلى وأجل وأعلم *
فإن كان من صواب ٍ وحق ٍ فمن الله وحدهُ ، وإن كان من خطأ ٍ أو سهو ٍ أو نسيان ٍ ، فمني ومن الشيطان ، وأنا مُتراجعٌ عنهُ ، حتى بعد مماتي ، وأستغفرُ الله .
الشيخ جميل لافي
الأربعاء 10 / 11 / 2010 م
4 / ذي الحجة / 1431 هـ
|